في العام الماضي، وبمناسبة مرور 50 عاماً، على انتصارنا في حرب أكتوبر 1973، قررت زيارة الجامعات المصرية لتوعية الشباب المصري بقصة نجاح القوات المسلحة المصرية في تحقيق النصر على الجيش الإسرائيلي، الذي طالما ادعى أنه الجيش الذي لا يقهر، وردد أنه أحد أقوى القوات العسكرية. وقمت بزيارة 26 جامعة مصرية في جميع ربوع مصر، شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً. والحقيقة أن تلك اللقاءات كانت مبهرة لي، شخصياً، لما لمسته خلالها من تعطش الشباب لسماع بطولات حرب أكتوبر 1973، خاصة وأن الكثيرين منهم لا يقرأ الصحف أو يشاهد التليفزيون، مكتفين بوسائل التواصل الاجتماعي كمصدر لمعلوماتهم.
وبعد كل لقاء، كنت أفتح مجال للمناقشة مع الشباب، للرد عن أية أسئلة أو استفسارات، فكانت أولى المفاجآت بالنسبة لي، أن تلك الفقرة كانت تمتد لأكثر من ساعة، مقابل المحاضرة التي لا تطول عن ساعة ونصف، أما المفاجأة الأهم، فكانت في التعليق الذي اسمعه في كل لقاء، عن عدم دراية الشباب بتفاصيل تلك البطولات، وفي بعض الأحيان بعدم معرفتهم بها برمتها.
وفي هذا عام، تلقيت الكثير من الدعوات، من العديد من الجامعات المصرية، لعقد لقاءات مع الطلبة، بمناسبة مرور 51 عام على نصر أكتوبر، ورغم مشقة السفر، إلا أنني قبلت جميع الدعوات، سواء من الجامعات أو النقابات، لما أجده فيها من متعة ومسئولية للحفاظ على التاريخ، كشاهد عيان عليه. فلم يمر يوم من شهر أكتوبر، إلا وأنا على موعد للقاء الشباب. ولقد كانت سعادتي الأكبر، هذا العام، بحضور أعداد غير مسبوقة، في كل لقاء، فاقت القدرة الاستيعابية للقاعات المخصصة للمحاضرات، حتى كان الشباب يملأ الطرقات بين المقاعد.
ومع بدء لقاءات هذا العام، لاحظت الاهتمام المتزايد من الشباب، ورغبته في التعرف أكثر وأكثر على حقائق ما حدث في حرب أكتوبر، خاصة في ظل أحداث الحرب في غزة، ولبنان، التي جعلت الكثيرون يتسألون عما إن كان ذلك يمثل تهديداً لمصر؟ لذا اتجه النقاش، بعد المحاضرة، للسؤال عن أحداث غزة، ومستقبل الصراع في المنطقة، ووضع مصر من تلك التصعيدات.
وانتهت النقاشات، والجميع مطمئنون لأن لمصر جيش وطني، قوي وقادر على حمايتها، ورئيس لديه من الحكمة والبصيرة، من يكفي ألا تتورط مصر في أية صراعات. ولعل الأيام أجابت على بعض الأصوات، التي تعلو بين الحين والآخر، متسائلة عن أسباب شراء الميسترال والرفال، بأن القيادة السياسية المصرية استبقت الأحداث، بتكوين قوة ردع، عسكرية، قادرة على تحقيق لنا السلام، فلا يجرؤ أحد على تهديد مصر، وبأنها ستظل آمنة، دوماً، بإذن الله.